السلام عليكم
اولا وقبل اي شئ لابد من مقدمة تبين لنا ما هو الجفر ومن اين جاء
وما هي اقوال العلماء فيه وبما انني قد طالعت بحثا لاحد اعلام الامة الاسلامية وهو بحث شيق ومسبوك لذلك قررنا
وضعه لكم هنا كي تكونوا ملمين بعض الشئ بهذا العلم ونكون واياكم على معرفة ودراية فتقول وعلى الله التكلان ونعوذ به من الخسران والخذلان قال صاحب كتاب كشف الظنون في الجفر والجامعة
علم الجفر والجامعة :
قال أهل المعرفة بهذا العلم: هو عبارة عن العلم الإجمالي بلوح القضاء، والقدر، المحتوي على كل ما كان، وما يكون كلياً، وجزئياً.
والجفر: عبارة عن لوح القضاء، الذي هو عقل الكل
والجامعة: لوح القدر، الذي هو نفس الكل، وقد ادعى طائفة أن الإمام علي ابن أبي طالب - كرم الله وجهه -، وضع الحروف الثمانية والعشرين على طريق البسط الأعظم في جلد الجفر يستخرج منها بطرق مخصوصة، وشرائط معينة ألفاظ مخصوصة تدل على ما في لوح القضاء، والقدر.
وهذا علم توارثه أهل البيت، ومن ينتمي إليهم، ويأخذ منهم من المشائخ الكاملين، وكبار الأولياء، وكانوا يكتمونه عن غيرهم كل الكتمان، وقيل: لا يفقه في هذا الكتاب حقيقة إلا المهدي المنتظر خروجه في آخر الزمان.
وورد هذا في كتب الأنبياء السالفة، كما نقل عن عيسى بن مريم - عليهما الصلاة والسلام -: ((نحن معاشر الأنبياء نأتيكم بالتنزيل، وأما التأويل، فسيأتيكم به البارقليط الذي سيأتيكم بعدي)).
نقل أن الخليفة المأمون لما عهد بالخلافة من بعده إلى علي بن موسى الرضا، وكتب إليه كتابه عهده كتب هو في آخر ذلك الكتاب: نعم إلا أن الجفر، والجامعة يدلان على أن هذا الأمر لا يتم، وكان كما قال لأن: المأمون استشعر لأجل ذلك فتنة (2/ 215) من طرف ابن العباس، فسم الإمام علي بن موسى الرضا في عنب على ما هو المسطور في كتب التواريخ، كذا في: ((مفتاح السعادة))، و: ((مدينة العلوم)).
قال ابن طلحة: ((الجفر))، و: ((الجامعة)): كتابان جليلان أحدهما ذكره الإمام علي بن أبي طالب وهو يخطب على المنبر بالكوفة، والآخر أسره إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأمره بتدوينه، فكتبه علي حروفاً متفرقة على طريق سفر آدم في جفر يعني في رق صنع من جلد البعير، فاشتهر بين الناس به، لأنه وجد فيه ما جرى للأزلين، والآخرين.
والناس مختلفون في وضعه، وتكسيره.
فمنهم: من كسره بالتكسير الصغير، وهو: جعفر الصادق، وجعل في حافية البار الكبير (ا، ب، ت، ث)، إلى آخرها، والباب الصغير أبجد إلى قرشت، وبعض العلماء، قد سمى الباب الكبير بالجفر الكبير، والصغير بالجفر الصغير، فيخرج من الكبير ألف مصدر، ومن الصغير سبعمائة.
ومنهم: من يضعه بالتكسير المتوسط، وهي: الطريقة التي توضع بها الأوفاق الحرفية، وهو الأولى، والأحسن، وعليه مدار الحافية القمرية، والشمسية.
ومنهم: من يضعه بطريق التكسير الكبير، وهو الذي يخرج منه جميع اللغات، والأسماء.
ومنهم: من يضعه بطريق التركيب الحرفي، وهو مذهب أفلاطون.
ومنهم: من يضعه بطريق التركيب العددي، وهو مذهب سائر أهل السنة، وكل موصل إلى المطلوب.
ومن الكتب المصنفة فيه: ((الجفر الجامع والنور اللامع)) للشيخ كمال الدين أبي سالم محمد بن طلحة النصيبي الشافعي، المتوفى سنة اثنتين وخمسين وستمائة، مجلد صغير، أوله: الحمد لله الذي أطلع من اجتباه. إلخ.
ذكر فيه أن الأئمة من أولاد جعفر يعرفون الجفر، فاختار من أسرارهم فيه. انتهى ما في: ((كشف الظنون))
وذكر العالم الجليل آية الله السيّد محسن الامين الحسينيّ العامليّ في كتاب « أعيان الشيعة » فصلاً مبسوطاً حول جفر أمير المؤمنين عليه السلام. قال:
من مؤلّفات أمير المؤمنين عليه السلام الجفر. في « مجمع البحرين »: في الحديث: أَمْلَي رَسُولُ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَلَی أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ الجَفْرَ وَالجَامِعَةَ.
وفُسِّرا في الحديث بإهَابِ مَاعِزٍ وَإهَابِ كَبْشٍ. فيهما جميع العلوم حتّي أرش الخدشة والجلدة ونصف الجلدة.
ونقل عن المحقّق الشريف في « شرح المواقف » أنّ « الجفر » و « الجامعة » كتابان لعليّ عليه السلام. قد ذكر فيهما علی طريقة علم الحروف الحوادث إلی انقراض العالم. وكان الائمّة المعروفون من أولاده يعرفونهما ويحكمون بهماـ انتهي.
وفي « القاموس »: الجفر من أولاد الشاة ما عظم واستكرش، وبلغ أربعة أشهرـ انتهي.
وفي « صحاح اللغة »: الجفر من أولاد المعز ما بلغ أربعة أشهر وجفر جنباه وفصل عن أُمّه، والاُنثي جفرةـ انتهي.
فالجفر في الحديث علی حذف مضاف، أي: جلد الجفر. ولعلّه صار كالعَلَم علی جلد مخصوص لثور أو شاة لكثرة الاستعمال. والاخبار الواردة في الجفر فيها بعض الاختلاف. ونحن نشير إليها وإلي الجمع بينها.
وقال العلامة الرباني والسيد الشعشعاني النوراني اية الله محمد الحسين الحسيني الطهراني
كان الائمّة عليهم السلام يستكشفون المغيبات من الجفر
أجل، لقد ورد في كثير من الاحاديث أنّ الائمّة عليهم السلام كانوا يكشفون المغيبات عبر الجفر. مثلاً، كتب الإمام الرضا عليه السلام علی ظهر كتاب عهد المأمون أنّ الجامعة والجفر يدلاّن علی ضدّ ذلك.
وكان الإمام الصادق عليه السلام يكرّر أنّ خروج بني الحسن علی العبّاسيّين لا يحقّق الهدف، وأنّ الدماء تراق بلا مسوّغ، وأ نّهما لاتثمر شيئاً.
وكان عبد الله المحض بن الحسن المثنّي بن الإمام الحسن المجتبي عليه السلام يزعم أنّ ولده محمّداً هو المهديّ القائم. وعرّف الناس به وبأخيه إبراهيم الغَمْر ـوكان محمّد يُعرف بصاحب النفس الزكيّةـ وأخذ منهم البيعة لهما. حتّي أ نّه دعا الصادق عليه السلام إلی بيعة محمّد. وهذا موضوع مفصّل تطرّقت إليه كتب التأريخ.
وكان محمّد وإبراهيم شجاعين سخيَّين تقيّين، وكان أبوهما عبدالله من أعاظم بني هاشم والعلويّين ورؤسائهم. بَيدَ أنّ علمهم لم يبلغ مستوي علم الإمام كما لم يكونوا أهلاً للإمامة. ولم ينقادوا للإمام الصادق عليه السلام ولولايته وكانوا يعرفونه بالعلوم الغريبة والمغيبات، لكنّ اعترافهم بذلك يؤدّي إلی كساد سوقهم، وإلي بطلان زعمهم المهدويّة فلميظهروه. ولمّا أُثر عن النبيّ صلّي الله عليه وآله أنّ اسم المهديّ محمّد، وأ نّه يظهر في عصر طغيان سلاطين الجور، فإنّ عبد الله كان يقول: لا زمان أسوأ من هذا الزمان الذي تسلّط فيه العبّاسيّون، وغصب فيه الفتّاك المتهوّر الجائر المنصور الدوانيقيّ حقَّ آل محمّد. وأنّ اسم ابني محمّد، وهو شجاع وحقيق بالخروج والإمارة والحكومة علی المسلمين، فهو المهديّ وعلي الناس أن يسلّموا لامره.
إنّ ما أراد أن يخبر به الإمام الصادق عليه السلام هؤلاء من وحي علومه التي كان الجَفْر أحدها هو أنّ هذا الرجل ( محمّد النفس الزكيّة ) ليسقائم آل محمّد؛ وأنّ خروجه لا يثمر شيئاً. ولمّا كان في غير وقته، فإنّه يُمني بآلاف الاخطاء، بَيدَ أ نّهُم لم يقبلوا ذلك منه. حتّي أ نّه عليه السلام دلّ علی زمان قتله بِيَدِ ابن عمّ المنصور الذي يأتي من الشام بجيش جرّار، ويقتله قرب المدينة. كما أخبر عن كيفيّة قتله وقتل أخيه إبراهيم الذي قُبض عليه بعده. وكان عليه السلام يحذّرهم من الخروج في غير أوانه، ولكنّ تحذيره لميُجْدِ نفعاً. والانكي من ذلك أنّهم كانوا ممتعضين من تخلّف الإمام عنهم، وتفوّهوا بكلمات بذيئة عليه. وكانوا يقولون: فينا شروط الإمامة، وعلينا النهوض، ولا يجوز التأخير.
وكان الإمام عليه السلام يعلم أنّ الثورة في ذلك الحين كقطف الثمرة الفجّة من شجرتها. وكان أُولئك مبتهجين لإقبال الناس عليهم وبيعتهم الظاهريّة لهم؛ بيد أنّ الإمام عليه السلام كان يعلم بحقيقة الحال وكان ينظر إلی هذه الاُمور كعالمٍ بالغيب، مستقرّ في مصدر الامر والملكوت. ولمتؤت نصيحته أُكُلَها، فزادت مصائب الحسنيّين في سجن المنصور، وقَتْلُهم في سجن بغداد، ومقتل محمّد وإبراهيم مصائبه عليه السلام مئات الاضعاف. وكانت تسيل دموعه رحمةً بهؤلاء القوم الجامحين الذين لا إمام ولا وليّ لهم، وكان خروجهم عقيماً.
وكانوا يرون أنّ الإمام عليه السلام ذو علومٍ تفوق علومهم، لكنّهم لمينقادوا لهذه العلوم، وكانوا يتصرّفون بجهل. ورأينا في الاحاديث الاخيرة أنّ الكلام دار كثيراً حول أولاد الحسن عليه السلام، والمقصود هو عبداللهبن الحسن بن الحسن بن علی بن أبي طالب عليه السلام، وكان الإمام عليه السلام يقول: عندنا علم الجَفْر، وعندنا أيضاً علوم هي أسمي من أن يدركها أولاد الحسن المثنّي.
ويستبين من استشهاد الإمام عليه السلام بإحرازهم «الجامعة» وهي علم الاحكام إلی يوم القيامة، واستئثارهم بالجفر، وهو العلم بالوقائع والحوادث والمغيبات، إنّ الجفر يخصّ العلم بحوادث المستقبل واستكشاف الاُمور الغيبيّة، وهو ما يفتقده بنو الحسن. ولهذا نلحظ أنّ الرواة ـبخاصّة في مقام بيان الجفرـ يسألون الإمام: أترون أنّ أولاد الحسن مطّلعون علی جفركم أم لا؟!
إذن، ظهر لنا من مجموع الموضوعات المتقدّمة أنّ الجفر علم مستقلّ لايرتبط بمسائل الحلال والحرام، في مقابل «الجامعة»، ولايمكن دمجهما معاً. ولمّا كانت أُصوله الصحيحة بعيدة المنال في واقعنا المعاصر، فلايتسنّي لنا أن ننكر أصله الصحيح عن أمير المؤمنين عليه السلام أيضاً، كما لايتيسّر لنا أن ننكر أنّ له كتاباً من جلد، وفيه خاصّيّة استكشاف المغيبات، ويتعذّر علينا أن نُبطل هذا الموضوع الذي يقرّ به الشيعة والعامّة، وهو أنّ أهل البيت كانوا ذوي علوم غيبيّة تترشّح عن نفوسهم المطهّرة.
وقال ايظا قدس الله سره الساري في جميع البراري
كانت أُصول الجفر وقواعده صحيحة متقنة يمكن من خلالها كشف الاُمور الغيبيّة وحلّ المسائل المستعصية، والإخبار عن الاوضاع والحوادث، ولكن لمّا كان الاطّلاع علی الاسرار والمغيبات يحتاج إلی نفوس طاهرة، لهذا فإنّه يختصّ بالائمّة عليهم السلام. وكانوا يعلّمونه بعض خواصّهم الذين بلغوا مقام الطهارة الباطنيّة، ويستخدمونه فقط في الاطّلاع علی الاُمور الحسنة. وكان الائمّة عليهم السلام يجتنبون تعليمه مَن ليسوا أهلاً له. أي: مَن لم يتطهّروا نفسيّاً. وكانوا يحذّرون من استخدامه بشدّة. وكان علم الجفر الحقيقيّ عند مولانا أميرالمؤمنين عليه السلام، وعند الائمّة عليهم السلام من بعده. ويوجد علم الجفر هذا اليوم أيضاً، بَيدَ أ نّه لمّا كان ناقصاً، فلا يتيسّر الكشف الحتميّ له. ولعلّ صحيحه عند بعض النفوس المطهّرة البعيدة عن إطلاع العامّة. وإنّي شرعتُ في تعلّم الرَّمْل عند أحد العلماء المتبحّرين في العلوم الغريبة كتحضير الارواح، وعلم الرمل، والجفر مقيماً علی ذلك زهاء شهر واحد بطهران [42] قبل ذهابي إلی النجف الاشرف. وكان ذلك العالم يحبّني كثيراً كما كان يرغب في تعليمي الجَفْر بعد الرَّمْل مصرّاً علی ذلك، إذ كان يقول: لا ولد لي وأخشي أن أموت فتضيع علومي هذه كلّها.
ورأيتُ أنّ تعلّم الرمل يستغرق سنتين كاملتين، فكيف أتعلّم الجفر وهو أهمّ وأصعب؟ علماً أ نّي لا أستهدف دراسة هذه العلوم، لا نّها تبعدني عن غايتي الاساسيّة وهي العرفان الإلهيّ. ونحن لو عمّرنا مائة عام، وسخّرنا هذا العمر كلّه في طريق العرفان ومعرفة المعبود، لكنّا مقصّرين أيضاً، فكيف نبدّد أعمارنا في تحصيل المغيبات؟ من هنا تركتُ ذلك الدرس. والسبب الآخر لتركي إيّاه هو أ نّي شعرتُ بظلامٍ في باطني وانقباض في صدري عند دراسة هذا العلم.
كما أ نّي لم أُيمّم الكيمياء. وأراد أحد الاعاظم يوماً أن يعلّمني الكيمياء فرفضتُ لا نّي شعرتُ أ نّي لا أجني منها غير ضياع العمر والانهماك في الاُمور المادّيّة والدنيويّة.
وممّا أوصي به السيّد ابن طاووس ولدَيْه: محمّد وعليّ في «كشف المحجّة » أن لا ينشغلا بالكيمياء، بل ينشغلا بعلم معرفة الله فإنّه الكيمياء الحقّة. وذكر لهما أنّ جدّهما أمير المؤمنين عليه السلام كان عارفاً بهذا العلم، لكنّه لم يستعمله مدّة حياته قطّ. وكان يبحث عن الكيمياء الحقيقيّة فبلغ عرفان الله، وما عليهما إلاّ الاقتداء به.
وقال ايظا [وذكر العالم الجليل آية الله السيّد محسن الامين الحسينيّ العامليّ في كتاب « أعيان الشيعة » فصلاً مبسوطاً حول جفر أمير المؤمنين عليه السلام. قال:
من مؤلّفات أمير المؤمنين عليه السلام الجفر. في « مجمع البحرين »: في الحديث: أَمْلَي رَسُولُ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَلَی أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ الجَفْرَ وَالجَامِعَةَ.
وفُسِّرا في الحديث بإهَابِ مَاعِزٍ وَإهَابِ كَبْشٍ. فيهما جميع العلوم حتّي أرش الخدشة والجلدة ونصف الجلدة.
ونقل عن المحقّق الشريف في « شرح المواقف » أنّ « الجفر » و « الجامعة » كتابان لعليّ عليه السلام. قد ذكر فيهما علی طريقة علم الحروف الحوادث إلی انقراض العالم. وكان الائمّة المعروفون من أولاده يعرفونهما ويحكمون بهماـ انتهي.
وفي « القاموس »: الجفر من أولاد الشاة ما عظم واستكرش، وبلغ أربعة أشهرـ انتهي.
وفي « صحاح اللغة »: الجفر من أولاد المعز ما بلغ أربعة أشهر وجفر جنباه وفصل عن أُمّه، والاُنثي جفرةـ انتهي.
فالجفر في الحديث علی حذف مضاف، أي: جلد الجفر. ولعلّه صار كالعَلَم علی جلد مخصوص لثور أو شاة لكثرة الاستعمال. والاخبار الواردة في الجفر فيها بعض الاختلاف. ونحن نشير إليها وإلي الجمع بينها.
ونقل المرحوم الامين هنا جميع الاخبار الواردة في هذا الباب عن « بصائر الدرجات ». وقال في آخرها: والمستفاد من المجموع أنّ الجفر منه ما كُتب فيه العلم، ومنه ما جُعِلَ وعاء للسلاح أو له وللكتب. ثمّ قال:
وفي « كشف الظنون »: ادّعي طائفة أنّ الإمام علی بن أبي طالب وضع الحروف الثمانية والعشرين علی طريق البسط الاعظم في جلد الجفر، يستخرج منها بطرق مخصوصة وشرائط معيّنة وألفاظ مخصوصة ما في لوح القضاء والقدر. وهذا علم توارثه أهل البيت ومَن ينتمي إليهم ويأخذ منهم من المشائخ الكاملين. وكانوا يكتمونه عن غيرهم كلّ الكتمان. وقيل: لايفقه في هذا الكتاب حقيقة إلاّ المهديّ عليه السلام المنتظر خروجه في آخر الزمان.
وورد هذا في كتب الانبياء عليهم السلام السالفة كما نُقل عن عيسي ابن مريم عليه الصلاة والسلام: نَحْنُ مَعَاشِرَ الاَنْبِيَاءِ نَأْتِيكُمْ بِالتَّنْزِيلِ، وَأَمَّا التَّأوِيلُ فَسَيَأْتِيكُمْ بِهِ البَارْقِليطُ الَّذِي سَيَأْتِيكُمْ بَعْدِي!
نُقل أنّ الخليفة المأمون لمّا عهد بالخلافة من بعده إلی علی بن موسي الرضا عليه السلام وكتب إليه كتاب عهده، كتب هو في آخر ذلك الكتاب: نَعَمْ إلاَّ أنَّ الجَفْرَ وَالجَامِعَةَ يَدُلاَّنِ عَلَی أَنَّ هَذَا الاَمْرَ لاَ يَتِمُّ.
وكان كما قال، لانّ المأمون استشعر فتنة من بني هاشم فَسَمَّه، كذا في « مفتاح السعادة ».
قال ابن طلحة: « الجفر » و « الجامعة » كتابان جليلان، أحدهما: ذكره الإمام علی بن أبي طالب وهو يخطب بالكوفة علی المنبر. والآخر: أسرّه إليه رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم وأمره بتدوينه. فكتبه حروفاً متفرّقة علی طريق سفر آدم في جفر، يعني في رقّ قد صُنع من جلد البعير، فاشتهر بين الناس به، لانّه وجد فيه ماجري للاوّلين والآخرين، إلی آخر ما ذكرهـ انتهي ما أردنا نقله من « كشف الظنون ».
ثمّ قال: ومن الكتب المصنّفة فيه ( أي: في علم الجفر ) «الجفر الجامع والنور اللامع » للشيخ كمال الدين أبي سالم محمّد بن طلحة النصيبيّ الشافعيّ المتوفّي سنة 652 ه مجلّد صغير ذكر فيه أنّ الائمّة من أولاد جعفر يعرفون الجفر، فاختار من أسرارهم فيهـ انتهي.
اولا وقبل اي شئ لابد من مقدمة تبين لنا ما هو الجفر ومن اين جاء
وما هي اقوال العلماء فيه وبما انني قد طالعت بحثا لاحد اعلام الامة الاسلامية وهو بحث شيق ومسبوك لذلك قررنا
وضعه لكم هنا كي تكونوا ملمين بعض الشئ بهذا العلم ونكون واياكم على معرفة ودراية فتقول وعلى الله التكلان ونعوذ به من الخسران والخذلان قال صاحب كتاب كشف الظنون في الجفر والجامعة
علم الجفر والجامعة :
قال أهل المعرفة بهذا العلم: هو عبارة عن العلم الإجمالي بلوح القضاء، والقدر، المحتوي على كل ما كان، وما يكون كلياً، وجزئياً.
والجفر: عبارة عن لوح القضاء، الذي هو عقل الكل
والجامعة: لوح القدر، الذي هو نفس الكل، وقد ادعى طائفة أن الإمام علي ابن أبي طالب - كرم الله وجهه -، وضع الحروف الثمانية والعشرين على طريق البسط الأعظم في جلد الجفر يستخرج منها بطرق مخصوصة، وشرائط معينة ألفاظ مخصوصة تدل على ما في لوح القضاء، والقدر.
وهذا علم توارثه أهل البيت، ومن ينتمي إليهم، ويأخذ منهم من المشائخ الكاملين، وكبار الأولياء، وكانوا يكتمونه عن غيرهم كل الكتمان، وقيل: لا يفقه في هذا الكتاب حقيقة إلا المهدي المنتظر خروجه في آخر الزمان.
وورد هذا في كتب الأنبياء السالفة، كما نقل عن عيسى بن مريم - عليهما الصلاة والسلام -: ((نحن معاشر الأنبياء نأتيكم بالتنزيل، وأما التأويل، فسيأتيكم به البارقليط الذي سيأتيكم بعدي)).
نقل أن الخليفة المأمون لما عهد بالخلافة من بعده إلى علي بن موسى الرضا، وكتب إليه كتابه عهده كتب هو في آخر ذلك الكتاب: نعم إلا أن الجفر، والجامعة يدلان على أن هذا الأمر لا يتم، وكان كما قال لأن: المأمون استشعر لأجل ذلك فتنة (2/ 215) من طرف ابن العباس، فسم الإمام علي بن موسى الرضا في عنب على ما هو المسطور في كتب التواريخ، كذا في: ((مفتاح السعادة))، و: ((مدينة العلوم)).
قال ابن طلحة: ((الجفر))، و: ((الجامعة)): كتابان جليلان أحدهما ذكره الإمام علي بن أبي طالب وهو يخطب على المنبر بالكوفة، والآخر أسره إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأمره بتدوينه، فكتبه علي حروفاً متفرقة على طريق سفر آدم في جفر يعني في رق صنع من جلد البعير، فاشتهر بين الناس به، لأنه وجد فيه ما جرى للأزلين، والآخرين.
والناس مختلفون في وضعه، وتكسيره.
فمنهم: من كسره بالتكسير الصغير، وهو: جعفر الصادق، وجعل في حافية البار الكبير (ا، ب، ت، ث)، إلى آخرها، والباب الصغير أبجد إلى قرشت، وبعض العلماء، قد سمى الباب الكبير بالجفر الكبير، والصغير بالجفر الصغير، فيخرج من الكبير ألف مصدر، ومن الصغير سبعمائة.
ومنهم: من يضعه بالتكسير المتوسط، وهي: الطريقة التي توضع بها الأوفاق الحرفية، وهو الأولى، والأحسن، وعليه مدار الحافية القمرية، والشمسية.
ومنهم: من يضعه بطريق التكسير الكبير، وهو الذي يخرج منه جميع اللغات، والأسماء.
ومنهم: من يضعه بطريق التركيب الحرفي، وهو مذهب أفلاطون.
ومنهم: من يضعه بطريق التركيب العددي، وهو مذهب سائر أهل السنة، وكل موصل إلى المطلوب.
ومن الكتب المصنفة فيه: ((الجفر الجامع والنور اللامع)) للشيخ كمال الدين أبي سالم محمد بن طلحة النصيبي الشافعي، المتوفى سنة اثنتين وخمسين وستمائة، مجلد صغير، أوله: الحمد لله الذي أطلع من اجتباه. إلخ.
ذكر فيه أن الأئمة من أولاد جعفر يعرفون الجفر، فاختار من أسرارهم فيه. انتهى ما في: ((كشف الظنون))
وذكر العالم الجليل آية الله السيّد محسن الامين الحسينيّ العامليّ في كتاب « أعيان الشيعة » فصلاً مبسوطاً حول جفر أمير المؤمنين عليه السلام. قال:
من مؤلّفات أمير المؤمنين عليه السلام الجفر. في « مجمع البحرين »: في الحديث: أَمْلَي رَسُولُ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَلَی أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ الجَفْرَ وَالجَامِعَةَ.
وفُسِّرا في الحديث بإهَابِ مَاعِزٍ وَإهَابِ كَبْشٍ. فيهما جميع العلوم حتّي أرش الخدشة والجلدة ونصف الجلدة.
ونقل عن المحقّق الشريف في « شرح المواقف » أنّ « الجفر » و « الجامعة » كتابان لعليّ عليه السلام. قد ذكر فيهما علی طريقة علم الحروف الحوادث إلی انقراض العالم. وكان الائمّة المعروفون من أولاده يعرفونهما ويحكمون بهماـ انتهي.
وفي « القاموس »: الجفر من أولاد الشاة ما عظم واستكرش، وبلغ أربعة أشهرـ انتهي.
وفي « صحاح اللغة »: الجفر من أولاد المعز ما بلغ أربعة أشهر وجفر جنباه وفصل عن أُمّه، والاُنثي جفرةـ انتهي.
فالجفر في الحديث علی حذف مضاف، أي: جلد الجفر. ولعلّه صار كالعَلَم علی جلد مخصوص لثور أو شاة لكثرة الاستعمال. والاخبار الواردة في الجفر فيها بعض الاختلاف. ونحن نشير إليها وإلي الجمع بينها.
وقال العلامة الرباني والسيد الشعشعاني النوراني اية الله محمد الحسين الحسيني الطهراني
كان الائمّة عليهم السلام يستكشفون المغيبات من الجفر
أجل، لقد ورد في كثير من الاحاديث أنّ الائمّة عليهم السلام كانوا يكشفون المغيبات عبر الجفر. مثلاً، كتب الإمام الرضا عليه السلام علی ظهر كتاب عهد المأمون أنّ الجامعة والجفر يدلاّن علی ضدّ ذلك.
وكان الإمام الصادق عليه السلام يكرّر أنّ خروج بني الحسن علی العبّاسيّين لا يحقّق الهدف، وأنّ الدماء تراق بلا مسوّغ، وأ نّهما لاتثمر شيئاً.
وكان عبد الله المحض بن الحسن المثنّي بن الإمام الحسن المجتبي عليه السلام يزعم أنّ ولده محمّداً هو المهديّ القائم. وعرّف الناس به وبأخيه إبراهيم الغَمْر ـوكان محمّد يُعرف بصاحب النفس الزكيّةـ وأخذ منهم البيعة لهما. حتّي أ نّه دعا الصادق عليه السلام إلی بيعة محمّد. وهذا موضوع مفصّل تطرّقت إليه كتب التأريخ.
وكان محمّد وإبراهيم شجاعين سخيَّين تقيّين، وكان أبوهما عبدالله من أعاظم بني هاشم والعلويّين ورؤسائهم. بَيدَ أنّ علمهم لم يبلغ مستوي علم الإمام كما لم يكونوا أهلاً للإمامة. ولم ينقادوا للإمام الصادق عليه السلام ولولايته وكانوا يعرفونه بالعلوم الغريبة والمغيبات، لكنّ اعترافهم بذلك يؤدّي إلی كساد سوقهم، وإلي بطلان زعمهم المهدويّة فلميظهروه. ولمّا أُثر عن النبيّ صلّي الله عليه وآله أنّ اسم المهديّ محمّد، وأ نّه يظهر في عصر طغيان سلاطين الجور، فإنّ عبد الله كان يقول: لا زمان أسوأ من هذا الزمان الذي تسلّط فيه العبّاسيّون، وغصب فيه الفتّاك المتهوّر الجائر المنصور الدوانيقيّ حقَّ آل محمّد. وأنّ اسم ابني محمّد، وهو شجاع وحقيق بالخروج والإمارة والحكومة علی المسلمين، فهو المهديّ وعلي الناس أن يسلّموا لامره.
إنّ ما أراد أن يخبر به الإمام الصادق عليه السلام هؤلاء من وحي علومه التي كان الجَفْر أحدها هو أنّ هذا الرجل ( محمّد النفس الزكيّة ) ليسقائم آل محمّد؛ وأنّ خروجه لا يثمر شيئاً. ولمّا كان في غير وقته، فإنّه يُمني بآلاف الاخطاء، بَيدَ أ نّهُم لم يقبلوا ذلك منه. حتّي أ نّه عليه السلام دلّ علی زمان قتله بِيَدِ ابن عمّ المنصور الذي يأتي من الشام بجيش جرّار، ويقتله قرب المدينة. كما أخبر عن كيفيّة قتله وقتل أخيه إبراهيم الذي قُبض عليه بعده. وكان عليه السلام يحذّرهم من الخروج في غير أوانه، ولكنّ تحذيره لميُجْدِ نفعاً. والانكي من ذلك أنّهم كانوا ممتعضين من تخلّف الإمام عنهم، وتفوّهوا بكلمات بذيئة عليه. وكانوا يقولون: فينا شروط الإمامة، وعلينا النهوض، ولا يجوز التأخير.
وكان الإمام عليه السلام يعلم أنّ الثورة في ذلك الحين كقطف الثمرة الفجّة من شجرتها. وكان أُولئك مبتهجين لإقبال الناس عليهم وبيعتهم الظاهريّة لهم؛ بيد أنّ الإمام عليه السلام كان يعلم بحقيقة الحال وكان ينظر إلی هذه الاُمور كعالمٍ بالغيب، مستقرّ في مصدر الامر والملكوت. ولمتؤت نصيحته أُكُلَها، فزادت مصائب الحسنيّين في سجن المنصور، وقَتْلُهم في سجن بغداد، ومقتل محمّد وإبراهيم مصائبه عليه السلام مئات الاضعاف. وكانت تسيل دموعه رحمةً بهؤلاء القوم الجامحين الذين لا إمام ولا وليّ لهم، وكان خروجهم عقيماً.
وكانوا يرون أنّ الإمام عليه السلام ذو علومٍ تفوق علومهم، لكنّهم لمينقادوا لهذه العلوم، وكانوا يتصرّفون بجهل. ورأينا في الاحاديث الاخيرة أنّ الكلام دار كثيراً حول أولاد الحسن عليه السلام، والمقصود هو عبداللهبن الحسن بن الحسن بن علی بن أبي طالب عليه السلام، وكان الإمام عليه السلام يقول: عندنا علم الجَفْر، وعندنا أيضاً علوم هي أسمي من أن يدركها أولاد الحسن المثنّي.
ويستبين من استشهاد الإمام عليه السلام بإحرازهم «الجامعة» وهي علم الاحكام إلی يوم القيامة، واستئثارهم بالجفر، وهو العلم بالوقائع والحوادث والمغيبات، إنّ الجفر يخصّ العلم بحوادث المستقبل واستكشاف الاُمور الغيبيّة، وهو ما يفتقده بنو الحسن. ولهذا نلحظ أنّ الرواة ـبخاصّة في مقام بيان الجفرـ يسألون الإمام: أترون أنّ أولاد الحسن مطّلعون علی جفركم أم لا؟!
إذن، ظهر لنا من مجموع الموضوعات المتقدّمة أنّ الجفر علم مستقلّ لايرتبط بمسائل الحلال والحرام، في مقابل «الجامعة»، ولايمكن دمجهما معاً. ولمّا كانت أُصوله الصحيحة بعيدة المنال في واقعنا المعاصر، فلايتسنّي لنا أن ننكر أصله الصحيح عن أمير المؤمنين عليه السلام أيضاً، كما لايتيسّر لنا أن ننكر أنّ له كتاباً من جلد، وفيه خاصّيّة استكشاف المغيبات، ويتعذّر علينا أن نُبطل هذا الموضوع الذي يقرّ به الشيعة والعامّة، وهو أنّ أهل البيت كانوا ذوي علوم غيبيّة تترشّح عن نفوسهم المطهّرة.
وقال ايظا قدس الله سره الساري في جميع البراري
كانت أُصول الجفر وقواعده صحيحة متقنة يمكن من خلالها كشف الاُمور الغيبيّة وحلّ المسائل المستعصية، والإخبار عن الاوضاع والحوادث، ولكن لمّا كان الاطّلاع علی الاسرار والمغيبات يحتاج إلی نفوس طاهرة، لهذا فإنّه يختصّ بالائمّة عليهم السلام. وكانوا يعلّمونه بعض خواصّهم الذين بلغوا مقام الطهارة الباطنيّة، ويستخدمونه فقط في الاطّلاع علی الاُمور الحسنة. وكان الائمّة عليهم السلام يجتنبون تعليمه مَن ليسوا أهلاً له. أي: مَن لم يتطهّروا نفسيّاً. وكانوا يحذّرون من استخدامه بشدّة. وكان علم الجفر الحقيقيّ عند مولانا أميرالمؤمنين عليه السلام، وعند الائمّة عليهم السلام من بعده. ويوجد علم الجفر هذا اليوم أيضاً، بَيدَ أ نّه لمّا كان ناقصاً، فلا يتيسّر الكشف الحتميّ له. ولعلّ صحيحه عند بعض النفوس المطهّرة البعيدة عن إطلاع العامّة. وإنّي شرعتُ في تعلّم الرَّمْل عند أحد العلماء المتبحّرين في العلوم الغريبة كتحضير الارواح، وعلم الرمل، والجفر مقيماً علی ذلك زهاء شهر واحد بطهران [42] قبل ذهابي إلی النجف الاشرف. وكان ذلك العالم يحبّني كثيراً كما كان يرغب في تعليمي الجَفْر بعد الرَّمْل مصرّاً علی ذلك، إذ كان يقول: لا ولد لي وأخشي أن أموت فتضيع علومي هذه كلّها.
ورأيتُ أنّ تعلّم الرمل يستغرق سنتين كاملتين، فكيف أتعلّم الجفر وهو أهمّ وأصعب؟ علماً أ نّي لا أستهدف دراسة هذه العلوم، لا نّها تبعدني عن غايتي الاساسيّة وهي العرفان الإلهيّ. ونحن لو عمّرنا مائة عام، وسخّرنا هذا العمر كلّه في طريق العرفان ومعرفة المعبود، لكنّا مقصّرين أيضاً، فكيف نبدّد أعمارنا في تحصيل المغيبات؟ من هنا تركتُ ذلك الدرس. والسبب الآخر لتركي إيّاه هو أ نّي شعرتُ بظلامٍ في باطني وانقباض في صدري عند دراسة هذا العلم.
كما أ نّي لم أُيمّم الكيمياء. وأراد أحد الاعاظم يوماً أن يعلّمني الكيمياء فرفضتُ لا نّي شعرتُ أ نّي لا أجني منها غير ضياع العمر والانهماك في الاُمور المادّيّة والدنيويّة.
وممّا أوصي به السيّد ابن طاووس ولدَيْه: محمّد وعليّ في «كشف المحجّة » أن لا ينشغلا بالكيمياء، بل ينشغلا بعلم معرفة الله فإنّه الكيمياء الحقّة. وذكر لهما أنّ جدّهما أمير المؤمنين عليه السلام كان عارفاً بهذا العلم، لكنّه لم يستعمله مدّة حياته قطّ. وكان يبحث عن الكيمياء الحقيقيّة فبلغ عرفان الله، وما عليهما إلاّ الاقتداء به.
وقال ايظا [وذكر العالم الجليل آية الله السيّد محسن الامين الحسينيّ العامليّ في كتاب « أعيان الشيعة » فصلاً مبسوطاً حول جفر أمير المؤمنين عليه السلام. قال:
من مؤلّفات أمير المؤمنين عليه السلام الجفر. في « مجمع البحرين »: في الحديث: أَمْلَي رَسُولُ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَلَی أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ الجَفْرَ وَالجَامِعَةَ.
وفُسِّرا في الحديث بإهَابِ مَاعِزٍ وَإهَابِ كَبْشٍ. فيهما جميع العلوم حتّي أرش الخدشة والجلدة ونصف الجلدة.
ونقل عن المحقّق الشريف في « شرح المواقف » أنّ « الجفر » و « الجامعة » كتابان لعليّ عليه السلام. قد ذكر فيهما علی طريقة علم الحروف الحوادث إلی انقراض العالم. وكان الائمّة المعروفون من أولاده يعرفونهما ويحكمون بهماـ انتهي.
وفي « القاموس »: الجفر من أولاد الشاة ما عظم واستكرش، وبلغ أربعة أشهرـ انتهي.
وفي « صحاح اللغة »: الجفر من أولاد المعز ما بلغ أربعة أشهر وجفر جنباه وفصل عن أُمّه، والاُنثي جفرةـ انتهي.
فالجفر في الحديث علی حذف مضاف، أي: جلد الجفر. ولعلّه صار كالعَلَم علی جلد مخصوص لثور أو شاة لكثرة الاستعمال. والاخبار الواردة في الجفر فيها بعض الاختلاف. ونحن نشير إليها وإلي الجمع بينها.
ونقل المرحوم الامين هنا جميع الاخبار الواردة في هذا الباب عن « بصائر الدرجات ». وقال في آخرها: والمستفاد من المجموع أنّ الجفر منه ما كُتب فيه العلم، ومنه ما جُعِلَ وعاء للسلاح أو له وللكتب. ثمّ قال:
وفي « كشف الظنون »: ادّعي طائفة أنّ الإمام علی بن أبي طالب وضع الحروف الثمانية والعشرين علی طريق البسط الاعظم في جلد الجفر، يستخرج منها بطرق مخصوصة وشرائط معيّنة وألفاظ مخصوصة ما في لوح القضاء والقدر. وهذا علم توارثه أهل البيت ومَن ينتمي إليهم ويأخذ منهم من المشائخ الكاملين. وكانوا يكتمونه عن غيرهم كلّ الكتمان. وقيل: لايفقه في هذا الكتاب حقيقة إلاّ المهديّ عليه السلام المنتظر خروجه في آخر الزمان.
وورد هذا في كتب الانبياء عليهم السلام السالفة كما نُقل عن عيسي ابن مريم عليه الصلاة والسلام: نَحْنُ مَعَاشِرَ الاَنْبِيَاءِ نَأْتِيكُمْ بِالتَّنْزِيلِ، وَأَمَّا التَّأوِيلُ فَسَيَأْتِيكُمْ بِهِ البَارْقِليطُ الَّذِي سَيَأْتِيكُمْ بَعْدِي!
نُقل أنّ الخليفة المأمون لمّا عهد بالخلافة من بعده إلی علی بن موسي الرضا عليه السلام وكتب إليه كتاب عهده، كتب هو في آخر ذلك الكتاب: نَعَمْ إلاَّ أنَّ الجَفْرَ وَالجَامِعَةَ يَدُلاَّنِ عَلَی أَنَّ هَذَا الاَمْرَ لاَ يَتِمُّ.
وكان كما قال، لانّ المأمون استشعر فتنة من بني هاشم فَسَمَّه، كذا في « مفتاح السعادة ».
قال ابن طلحة: « الجفر » و « الجامعة » كتابان جليلان، أحدهما: ذكره الإمام علی بن أبي طالب وهو يخطب بالكوفة علی المنبر. والآخر: أسرّه إليه رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم وأمره بتدوينه. فكتبه حروفاً متفرّقة علی طريق سفر آدم في جفر، يعني في رقّ قد صُنع من جلد البعير، فاشتهر بين الناس به، لانّه وجد فيه ماجري للاوّلين والآخرين، إلی آخر ما ذكرهـ انتهي ما أردنا نقله من « كشف الظنون ».
ثمّ قال: ومن الكتب المصنّفة فيه ( أي: في علم الجفر ) «الجفر الجامع والنور اللامع » للشيخ كمال الدين أبي سالم محمّد بن طلحة النصيبيّ الشافعيّ المتوفّي سنة 652 ه مجلّد صغير ذكر فيه أنّ الائمّة من أولاد جعفر يعرفون الجفر، فاختار من أسرارهم فيهـ انتهي.